بينما تسير الشابة فرح خلال الأزقة الضيقة الوعرة في حي الشلالة الفقير جنوب الأردن، يستوقفها الكبار والشباب على حد سواء طلبا للنصيحة. تعدل الشابة حجابها الأسود بينما هي تصغي ثم تعطي أما قلقة بعض المعلومات حول مكان طلب المساعدة بشأن ابنها مدمن المخدرات.
يتموج ثوب فرح الأسود وهي تحث خطاها الواثقة المستهمة تحت لهيب اشعة الصيف الحارقة ولكن مرة اخرى يستوقفها ولد صغير معنف مع أمه مشتتة الذهن: يريدان ان يعرفا الى أين يذهبان طلبا للمساعدة والحماية.
خلال السنوات السبع الماضية اكتسبت فرح في مركز تنمية المجتمع المحلي الذي تدعمه اليونسف المعارف والخبرات اللازمة التي حولتها الى أحد مصادر المعلومات في الحي. فالشباب والنساء والأطفال يسعون وراء ارشاداتها ومهاراتها في حل المشكلات، بما في ذلك الخلافات العائلية والأشقاء المتخاصمون ومحدودية حركة البنات والنساء.
تتألف الشلالة من 20 ألف لاجىء مسجل هاجروا من فلسطين عامي 1948 و1967 ومنحوا جواز سفر أردني، بينما أعطي أولئك القادمون من غزة عام 1967 جوازات سفر مؤقتة.
وقد سعت اليونيسف كجزء من برنامجها للفلسطينيين في الأردن الى تحسين معيشة 3 آلاف عائلة من أصل فلسطيني تعيش في مناطق حضرية ذات دخل منخفض مثل الشلالة. ومن خلال منهج تنمية المجتمع حدد الشباب أمثال فرح أولوياتهم ثم بدأوا بتطوير تدخلاتهم المستدامة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
تولدت نقاط قوة فرح من خلال محاضرات عديدة وجلسات تدريب ومناقشات جماعية تركز على موضوعات مفتوحة حضرتها في مركز تنمية المجتمع المحلي. أصبحت هذه الفرص ممكنة من خلال تدخلات اليونيسف في هذا الحي الفقير. وفي عام 2002 وصل برنامج تنمية المجتمع الى 800 شاب وشابة.
في مركز تنمية المجتمع التقى الشباب والشابات وناقشوا بشكل مفتوح التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية: التدخين لدى أطفال اعمار بعضهم لم يتجاوز السابعة، شم الآجو والادمان على الحشيشة، عمل الأطفال،والاساءات الجنسية. كل هذه الأمور وكثير غيرها موجود في هذا الحي. ما هو فريد في هذه المناقشات هو أن الأولاد والبنات الذين نادرا ما جلسوا ليتحدثوا مع بعضهم البعض، يجلسون الآن ويتحدثون بصراحة في أمور كانت تعتبر من المحرمات في هذا المجتمع.
مدينة الصفيح الصغيرة هذه في محافظة العقبة تعاني من قلة الخدمات ومجاريها مكشوفة. هناك فقط مكانان لمرحلة ما قبل المدرسة (واحد في شمالها والثاني في جنوبها.) وحسب السلطات المحلية فان الشلالة تعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانتشار الزواج المبكر والزواج بين الأقارب وارتفاع معدل الولادات مع كون معظم النساء يلدن في البيت.
يحاول اليافعون ايجاد بدائل وحلول للقضايا التي يواجهونها في مجتمعهم: فهناك وقت فراغ كبير ولا يوجد نشاطات كثيرة لملئه. لقد اصبح المركز المجتمعي ملاذا ومكانا سحريا فريدا لهؤلاء اليافعين. لقد تطور الأولاد والبنات من خلال التدريب الذي رعته اليونيسف ليصبحوا شبابا وشابات فاعلين ليسوا متشوقين للمعرفة فقط بل ويفكرون تفكيرا نقديا بحماس كبير. بدأ الشباب بالاصغاء لبعضهم البعض والعمل معا كفريق، ويستطيعون ايصال أفكارهم وآرائهم للآخرين وخاصة لعائلاتهم. لقد أصبح الشباب أمثال فرح قادة في حيهم. تقول فرح: "أحد أهم الأشياء التي تعلمتها هي وجود خدمات للارشاد والاحالة. استطيع الآن ان أدل أصدقائي الى أين يذهبون طلبا للمساعدة."
يقدم مركز تنمية المجتمع للشباب فضاءا تعليميا وترفيهيا آمنا. كما تهدف تدخلات اليونيسف الى ربط هذا المركز بشبكات وشراكات قوية ومنظمات أهلية محلية ومؤسسات حكومية. والهدف هو تقوية وتوحيد الاستجابات والتمكن من العمل مع الهيئات المحلية لمساعدة أنفسهم.
تتحدث فرح عن مختلف جلسات التدريب التي حضرتها حول الحقوق وأهمية التشبيك. تقول فرح: "أعتبر نفسي محظوظة جدا لأعطى هذه الفرص والأهم من ذلك أن أتمكن من السفر خارج الحي."
شاركت الفتاة الشابة في منتديات الشباب الوطنية، وهي من بين الإناث القليلات في القرية اللواتي يسافرن خارج حدود منطقتهن. انها ترفع الوعي وتتقاسم مع البنات والأولاد الآخرين المهارات التي تعلمتها في سفراتها.
حلم فرح الآن هو تعلم السواقة. "غضب أبي كثيرا في البداية وقال ان علي أن أبدأ التفكير بالزواج. أريد أن أتعلم السواقة وأن أتمكن من الذهاب ورؤية أماكن أخرى واتعلم المزيد واعود لأعلّم الناس ما تعلمته،" تقول الفتاة الطموحة بضحكة كبيرة.